عقود المعاوضات
هي العقود التي يأخذ كل طرف مقابلا لما يعطيه، وتشمل عقودا كثيرة، ولكننا سناخذ
هنا خمسة منها فقط ان شاء الرحمن، وهي: البيع، والإجارة، والقرض، والجعالة، السبق.
أولا: عقد البيع
:البيع: هو أهم عقود المعاوضات، وقد قسمه الفقهاء عدة تقسيمات فهو:
.من حيث الحكم ينقسم إلى عقد البيع الجائز وغير الجائز.
.ومن حيث الأجل فيه ينقسم إلى بيع مطلق، وبيع الأجل
. ومن حيث العلم بالعوض وعدمه ينقسم إلى بيع الأمانة، وبيع المساومة
أ- عقود البيع الجائزة.
البيع المطلق
تعريف البيع
البيع في اللغة (من حيث اللغه )مبادلة شيء بشيء
وفي الاصطلاح: مبادلة مال بمال على وجه التمليك. فإذا لم توجد مبادلة فليس هنالك
بيع كالهبة والوصية، وإذا وجدت المبادلة ولكن لم يكن هنالك مال فليس هنالك بيع
كمبادلة العمل بالعمل، وإذا وجدت المبادلة بين مالين ولكن ليس هنالك تمليك فليس ببيع، كالإجارة.
والبيع إذا تمت المبادلة فيه بين السلع فقط بدون نقود يسمى مقايضة، وإذا تمت المبادلة بين النقود يسمى صرفا وسيأتي الحديث عنه.
مشروعية عقد البيع
دل على مشروعية عقد البيع الكتاب والسنة والإجماع. قال تعالى: [وأحل الله البيع وحرم الربا] البقرة .275
ودلت أحاديث كثيرة على مشروعيته منها: ما رواه الزبير بن العوام رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لأن يأخذ أحدكم حبله، فيأتي بحزمة الحطب على ظهره فيبيعها، فيكف الله بها وجهه، خير له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه" رواه البخاري.
والذي يستفاد من هذه الأدلة هو: جواز عقد البيع
وقد أجمعت الأمة على جواز البيع في مختلف العصور والأزمان.
اذا كان لديك ادلة اخرى اكتبها فى التعليقات وشكرا
حكمة مشروعية البيع
حاجة الناس إلى كثير من السلع لا يستطيعون إنتاجها بأنفسهم فيحتاجون إلى التبادل
ولا يحصل هذا التبادل إلا بالتراضي وهذا التراضي يتم التعبير عنه في عقد البيع
حاجة من يملك السلعة إلى النقد ولا يستطيع الحصول عليه إلا إذا بادله بسلعته
فيحتاج إلى عقد البيع
من شأن الإنسان أن يسعى إلى الربح، والطريق السليم لذلك هو البيع والشراء
البيع من أهم دواعي الحياة؛ لأن كل فرد من أفراد المجتمع الإنساني محتاج إلى غيره في تبادل
.منافعه وتحصيل حاجياته
:أركان عقد البيع
للبيع ثلاثة أركان، وهي
الركن الأول: العاقدان، وهما البائع والمشتري. الركن الثاني: المعقود عليه، وهو المبيع والثمن
الركن الثالث: الصيغة، وهي الإيجاب؛ كبعتك، والقبول؛ كاشتريت. والصيغة قد تكون قولية كما تقدم، وقد تكون فعلية، وهو ما يسمى ببيع المعاطاة
الآن عندى سؤال مهم هل نستعمل كمسلمين تلك الاركان ؟مثلا عندما نشتري او نبيع هل نستعمل الايجاب والقبول ؟
شروط العاقدين: يشترط في كل من البائع والمشتري
أن يكون مميزا عاقلا
أن يكون مختارا مريدا للتعاقد غير مكره عليه
شروط المعقود عليه: يشترط في المعقود عليه
أن يكون موجودا عند العقد، فلا يصح بيع المعدوم كبيع ما ستثمره الأشجار
أن يكون مالا ذا قيمة في الشرع، فلا يصح بيع النجاسات والمحرمات كالخمر
أن يكون مقدورا على تسليمه، فلا يصح بيع سيارة ضائعة مثلا
. أن يكون معلوما للعاقدين بعينه أو بوصفه، فلا يصح بيع المجهول
شروط الصيغة: يشترط لصيغة العقد
أن لا يطول الفصل بين الإيجاب والقبول
أن يكون القبول موافقا للإيجاب
الشروط الجعلية في البيع
الشروط الجعلية هي الشروط التي لم ترد في الشرع، بل مصدر اشتراطها إرادة العاقد، وتنقسم إلى ثلاثة أقسام
الأول: متفق على صحته وهو
ماكان موافقاً لمقتضى العقد كاشتراط البائع تسليم الثمن أو حبس المبيع حتى أداء
جميع الثمن إلا في بيع التقسيط ونحوه، واشتراط المشتري تسليم المبيع، أو تملكه
ما كان مؤكداً لمقتضى العقد، كاشتراط البائع تقديم كفيل أو رهن
ما جاء به الشرع، كاشتراط الخيار.
ما جرى به العرف، مثل اشتراط المشتري على البائع التعهد بإصلاح الشيء المشترى مدة
معينة من الزمان، كالساعة، والسيارة، واشتراط حمل البضاعة إلى مكان المشتري
الثاني: مختلف في صحته، وهو: ما كان فيه منفعة زائدة لأحد المتعاقدين، كبيع دار على
أن يسكنها البائع شهراً أو أكثر. والجمهور على أن مثل هذا الشرط يفسد عقود المعاوضات
ويرى الحنابلة (منسوب الي العالم الفقيه احمد بن حبل ) أن مثل هذا الشرط صحيح؛ لأنه لم يرد نهي عنه، ولأن المسلمين على شروطهم
الثالث: متفق على عدم صحته، وهو: ما لم يكن أحد أنواع الصحيح، وليس فيه منفعة لأحد المتعاقدين، وإنما هو ما كان فيه ضرر لأحد العاقدين، كاشتراط بائع البضاعة على
المشتري ألا يبيعها أو لا يهبها لأحد، واشتراط بائع الدار على المشتري أن يتركها من غير سكن مدة شهر.
وهذه الشروط لا أثر لها في العقد فهو صحيح والشرط لغو باطل لا قيمة له.
الخيارات في البيع
الأصل في عقد البيع أن يكون مبرما فور انعقاده وتنتقل ملكية المبيع إلى المشتري وملكية
الثمن إلى البائع، إلا أن الشارع راعى مصالح المكلفين؛ لأن المتعاقد قد يستعجل أحيانا
فيندم على ذلك، فأعطى الشارع لكل عاقد الخيار في إمضاء العقد أو فسخه حفاظا على تمام رضاه بالعقد
وأهم الخيارات التي أعطيت للمتعاقدين ثلاثة، هي: خيار المجلس، وخيار الشرط، وخيار العيب. وسوف نتحدث عن كل منها فيما يلي
أولا: خيار المجلس
المراد بخيار المجلس أن يكون لكل من المتعاقدين حق الرجوع عن البيع ما داما في المجلس الذي تم فيه العقد. والدليل على هذا الخيار قوله صلى الله عليه وسلم "البيعان بالخيار ما لم يتفرقا" رواه البخاري.
ويسقط هذا الخيار بأحد ثلاثة أمور:
التفرق عن مجلس العقد
اختيار لزوم العقد، مثل أن يقولا أمضينا العقد أو اخترنا لزومه. وإذا اختار أحدهما
اللزوم يسقط خياره دون الآخر
التصرف بالعوضين تصرفا يشعر بالرضا بالعقد.
ثانيا: خيار الشرط
هو أن يشترط أحد المتعاقدين أو كل منهما أن يكون له الحق في فسخ العقد خلال
مدة معينة. ويمكن أن يشترط ذلك مع العقد أو بعده في مجلس العقد. ويشترط فيه
أن تكون المدة معلومة فلو لم يذكر مدة أو ذكر مدة مجهولة كمجيء فلان لم يصح
أن تكون المدة متصلة بالعقد أي: تبدأ من وقت العقد. فلو شرط مدة تبدأ بعد
العقد بزمن ولو من التفرق لم يصح
والدليل على هذا الخيار ما رواه البخاري أن رجلا شكا إليه صلى الله عليه وسلم
أنه يخدع في البيوع فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا بايعت فقل: لا خلابة ولي الخيار ثلاثة أيام." ومعنى الخلابة: الغبن والخداع.
اشترط الشافعية (منسوب الي الشيخ الفقيه محمد بن ادريس الشافعى ) ألا تزيد المدة على ثلاثة أيام عملا بهذا الحديث ولم يشترط غيرهم ذلك
اشتراط العاقد الخيارَ لغيره
كما يصح للعاقد أن يشترط الخيار لنفسه؛ فكذلك يصح له أن يشترط لغيره؛ لأن الخيار شرط للحاجة والمصلحة، وقد لا تتوفر للعاقد الخبرة والمعرفة بالمبيع فتدعو الحاجة إلى أن يشترط الخيار لمن يكون أعرف به منه. وفي هذه الحالة يثبت الخيار لمن شرط له لا للعاقد
سقوط خيار الشرط
يسقط خيار الشرط بالأمور الآتية
( يعني ينتهى صلاحيته )
بامضائه العقد. أما إذا تصرف
بانتهاء المدة المشروطة
بإمضاء العقد وإجازته في مدة الخيار.
بتصرف المشتري الذي له الخيار بالمبيع تصرفا يشعر
البائع بالمبيع فيدل على فسخ العقد
ثالثا: خيار العيب:
الأصل في تعامل المسلم مع غيره النصح وعدم الغش لقوله صلى الله عليه وسلم : "من غش فليس منا" رواه البخاري. ويجب على المسلم إذا كان في المبيع عيب أن يبينه كما يجب على من علم ذلك أن يبينه كذلك، كما يدل عليه الحديث الذي رواه الإمام أحمد: "لا يحل لأحد يبيع شيئا إلا بين ما فيه، ولا يحل لمن يعلم ذلك إلا بينه."
ويشترط لخيار العيب ما يلي:
أن يثبت أن العيب قديم، أي أنه كان موجودا قبل أن يقبضه المشتري. فإن حدث
العيب بعد القبض فليس له الخيار إلا إذا كان مستندا إلى سبب حدث قبل القبض، مثل أن تكون السلعة قد أصابها بلل فظهر أثره بعد القبض.
أن يكون العيب سببا لنقص قيمة المبيع في عرف التجار أو يفوت بسببه غرض
صحيح؛ كمن اشترى شاة للأضحية فتبين أنها مقطوعة بعض الأذن فيثبت له الخيار، ولو اشتراها للحم لم يثبت له الخيار لأن ذلك لا تنقص به القيمة.
أن يغلب في جنس المبيع عدم ذلك العيب، كمن اشترى سيارة على أنها جديدة ثم
تبين له اهتراء عجلاتها فإنه يثبت له الخيار، ولو اشتراها على أنها مستعملة لم يثبت له الخيار لأن ذلك هو الغالب في المستعمل.
متى يكون الرد بخيار العيب؟ ومتى يسقط؟
يثبت حق الرد بخيار العيب فور الاطلاع على العيب حسب العرف، فإذا علم بالعيب
وأخر الرد سقط الخيار، وكذلك يسقط الخيار إذا استعمل المبيع بعد الاطلاع على العيب وقبل التمكن من الرد
شرط البراءة من العيوب
لو شرط البائع عند العقد : أنه بريء من كل عيب يظهر في المبيع صح العقد، لأنه شرط يؤكد العقد. فإن ظهر في المبيع عيب ظاهر، أو عيب خفي ولكن البائع كان على علم به، كان للمشتري الرد بذلك العيب. وكذلك إذا حدث العيب بعد العقد وقبل القبض لأن البائع تبرأ مما كان قبل العقد ولم يتبرأ مما حدث بعد العقد وقبل القبض. أما إن ظهر
فيه عيب خفي لم يكن البائع على علم به لم يملك المشتري الرد - حينئذ - بخيار العيب
الإقالة
قد يرغب أحد المتبايعين في فسخ العقد بعد مفارقة مجلس العقد دون أن يجد في المبيع عيبا، ومن غير أن يكون له خيار الشرط، ففي هذه الحالة شرع له طلب الإقالة من الطرف الآخر المتعاقد معه.
والإقالة في الل¹غة: ال¹رفع والإزالة، ومن ذلك قولهم: أقال ا ¹للّ عثرته إذا رفعه من سقوطه. ومنه الإقالة في البيع، لأ ¹نها رفع العقد.
وهي في اصطلاح الفقهاء: رفع العقد، وإلغاء حكمه وآثاره بتراضي الط¹رفين .
وتحصل بما يدل عليها من الألفاظ، فإذا وجد الإيجاب من أحدهما والقبول من الآخر
بألفاظ يدل عليها في المجلس فقد تمت.
استحب للطرف الآخر إقالته؛ لحديث رسول اللّه
صلى الله عليه وسلم فيما يرويه أبو هريرة رضي الله عنه:من أقال مسلماً بيعته أقال اللّه عثرته.»
شروط الإقالة
يشترط لصحة الإقالة ما يلي
أ - رضى المتقايلين: لأنها رفع عقد لازم ، فلا بد من رضى الطرفين
ب - اتحاد المجلس: لأن معنى البيع موجودٌ فيها، فيشترط لها المجلس، كما يشترط للبيع
ج - أن يكون التصرف قابلًا للفسخ بالخيار، كالبيع والإجارة ، فإن كان التصرف لا
يقبل الفسخ كالنكاح والطلاق فلا تصح الإقالة
د - بقاء المبيع وقت الإقالة، فإن كان هالكاً وقت الإقالة لم تصح، فأما قيام الثمن
وقت الإقالة فليس بشرطٍ.
والى هنا اختصر والسلام عليكم
للتأكد من استيعابك
متى يكون الرد بخيار العيب؟ ومتى يسقط؟
🌿 قريباً: بيع الأجل وأحكامه في الشريعة الإسلامية 🌿
ما هو بيع الأجل وما أهم شروطه في الشريعة الإسلامية؟
في منشورنا القادم، سنتناول بالتفصيل مفهوم بيع الأجل، شروطه، وأهم الأحكام المتعلقة به وفقاً للفقه الإسلامي.
تابعونا لتتعرفوا على كيفية تنظيم المعاملات المؤجلة بطريقة شرعية